هل تساءلت يومًا عن ماهية الزمن أو إمكانيَّة السفر عبره؟ ماذا لو سقطت في ثقبٍ أسود؟ هل فكرت في مصيرك إن عُدت بالزمن لتقتل جدك؟ هذه ليست أسئلة خياليَّة تُباغتنا ليلًا، بل ألغازٌ تختص الفيزياء بحلها. وهذا ما تُوضحه ضحى في كتابها “الفيزياء بين البساطة والدهاء”.
ضحى صالح هي باحثة فيزيائيَّة أردنيَّة من أصول فلسطينيَّة. دَرست الفيزياء، الفلك والفضاء بـ”الجمعيَّة الفلكيَّة الأردنيَّة”. تمتلك صفحة “الفيزياء مسلية” على “الفيسبوك” -ثاني أكبر صفحة للفيزياء في الوطن العربي-، ومديرة مؤسسة “فلكيزيا” وهي مؤسسة غير ربحيَّة تسعى للنهوض بالفيزياء.
تأخذك ضحى في رحلةٍ تجوب بها الفضاء أنت والكون و الفيزياء؛ لكن ليست تلك الفيزياء القائمة بشكلٍ أساسي على المعادلات والأرقام، بل التي تضعك في قلب الأحداث.. تُسافر بك عبر الزمن، تتركك ليبتلعك ثقبٌ أسود، تُخرجك على كون آخر، تصدمك بحقيقة أنك لا تلمس الأشياء، أو حتى بوجود الأكوان الاحتماليَّة!
تكشف لك الغطاء عن كونٍ غير الذي تعرفه. تخيل أنك صنعت آلة للزمن، عُدت بها لفترة شباب جدك، وقررت قتله! النتيجة والدك لن يُولد وبالتالي لن تُوجد أنت؛ لكن إذا لم تصنع آلة الزمن، لن يُقتل جدك، وستُولد أنت ووالدك، وتحاول مجددًا صُنع آلة للزمن وتقتل بها جدك، وتسير في دائرةٍ مغلقة!
قد تبدو معضلةً بلا حل ولكن هنالك تفسيران لها، فتبعًا لـ”مبدأ الاتساق الزمني” هذا يستحيل أن يحدث، ستعود بالزمن بالفعل ولكن قد تُغير ما يرتديه جدك، نوع عصير والدك المفضل، لكن لن تُغير الأحداث الأساسيَّة ولن تستطيع إيذاء جدك!
لكن إذا صمَّمت على قتله فهنالك حل، تبعًا لنظريَّة “الأكوان الموازية” ستعود بالزمن وتقتل جدك ولن تُولد بالفعل. مُبارك! ولكن هنالك تعقيب بسيط.. أن كل هذا سيحدث في كونٍ آخر، في اللحظة التي ستقتل بها جدك سينشأ كونٌ آخر أنت وجدك لن تُوجدا به، وتستمر به الحياة تبعًا لهذه الأحداث؛ لكن في كونك الأصلي جدك حي يُرزق.
وهكذا.. تأخذك ضحى بين سطورها لتُعرِّفك على ماهية الزمن الفعليَّة، ثم تُوضح إمكانيَّة السفر للماضي والمستقبل، تُمهد لك نشأة النجوم وموتها لتُحدثك بعدها عن الثقوب السوداء. تتعدد الموضوعات المطروحة في الكتاب فلم يقتصر على النقاط السابق ذكرها، بل توسعت ضحى ليضم موضوعاتٍ كـ: مُفارقة الجد، ميكانيكا الكم، وحتى الألغاز التي لم تُحل بعد! أهم ما يُميز الكتاب إرفاق ضحى خلف كل فصل مصادرها العلميَّة، وأسلوبها السلس الذي يجعل الكتاب أشبه بمغامرة كونيَّة، لا معلوماتٍ عن علمٍ يُعرف بتعقيده.
صدر الكتاب عن دار “عصير الكتب” لعام (2021)، يتمتع بأسلوبٍ بسيط وأمثلة تُشعرك أن الفيزياء أسهل ما في الوجود -تُبرز لك الجانب الممتع منها-، في (215) صفحة مُقسمة لـ(10) فصول مُرتبة تُثري فهمك، وتُغطي لك الكثير من الظواهر والمفارقات.
– التقييم: (9/10).
