خالد شوقي.. نبيلٌ منح حياته للآخرين

من ذُروة نُبل النفس أن يُلقي إنسانٌ نفسه في قلب ألسنة اللهب، لا هربًا منها بل اقتحامًا! لإنقاذ الغير…
مشهدٌ يُعيد تعريف معاني البطولة والتضحية والإيثار.. مشهد يُعبّر عن الإنسان في أقصى تجلياته، كان بطله خالد محمد شوقي.

خالد.. سائق شاحنة مواد بتروليَّة، في يوم عادي أثناء تأدية عمله بمحطة وقود بالعاشر من رمضان، انفجر خزان وقود شاحنته بعدما ارتفعت درجة حرارته. كان الانفجار شرارة كارثة وشيكة كفيلة بابتلاع المكان ومن فيه، في منطقة تضُج بالسكان والمنشآت الصناعية!

الجميع يهلع، الجميع ينظر للنيران.. وخالد لم يتردد في الاندفاع نحو الشاحنة المشتعلة، جلس على كرسيِّ شاحنته المشتعل متجردًا من الخوف وكل تَعلُق بالحياة، كأنما خُفِّفَ عن قلبه كل شيء إلا هَمَّ الفداء، وقاد الشاحنة بعيدًا عن المحطة؛ حتى أصابت النار جسده كما تُصيب الرياح أوراق الخريف.. تنزعها ورقة ورقة، ليتفادى بفعلته هذه أرواحًا وخسائر فادحة.

أُصيب خالد بحروق من الدرجة الأولى والثانية ولفظ أنفاسه الأخيرة صباح الأحد الماضي. تاركًا خلفه: ثلاثة بنات لم يكن لهن من سندٍ بعد الله سواه، يستظللن بحنانه ويستقوين بوجوده، ونجله الذي كان فرحه مقرر أن يكون في التاسع عشر من يوليو، فلم تهنأ عيناه برؤيته، ولم يُكتب له أن يزفّه بيديه التي أنهكتها الحروق، بل زُفَّ هو إلى مثواه الأخير.

خيَّم الحزن على أهل قريته -قرية مبارك بالدقهليَّة- نعاه كل من عرفوا قصتهُ، مشيدين بروحه الطاهرة التي بذلها فداءً للآخرين، وهناك من حاول رد جزء من الجميل، كوزير العمل عندما قرر في بيانٍ رسمي صرف مبلغ قدره (200) ألف جنيه، كما خصص وزير البترول وديعة بالتعاون مع منظمة الأورمان قدرُها مليون جنيه، يُصرف عائدها شهريًا، مع توفير فرصتي عمل لفردين من أسرة الشهيد النبيل البطل، على حد وصف كل من شاهده على مواقع التواصل، والفقيد الذي بكى على فراقه من لم يعرفوه إلا يوم فقده.

فنى جسد خالد، لكن الروح التي اختارت الفداء لن تفنى، ذلك القلب المُفعم بالإيثار والتضحية سيظل يهمس فينا أبد الدهر.

Previous Article

سارة حسن.. قُطفت قبل أن تزهر

Next Article

روان.. شهادة وفاة الإنسانية

Write a Comment

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا

اشترك في النشرة الإخبارية عبر البريد الإلكتروني للحصول على أحدث المنشورات التي يتم تسليمها مباشرة إلى بريدك الإلكتروني.
Pure inspiration, zero spam ✨